"عذراء الصباح" كما وصفها محمود درويش، محفزة فلسفة إيمانويل كانت، وثاني أكثر سلعة يتم تداولها في العالم بعد البترول.
إنها القهوة التي لا يختلف في حب سوادها اثنان ومعشوقة العرب التي انبهر بها الغرب.
كواحدة من أكثر المشروبات شعبية في العالم، من الطبيعي أن نتساءل عن تاريخ القهوة، متى وكيف تم اكتشاف البن؟ ما أصل القهوة العربية؟ وما دور دول عربية في تجويد البن ونشر ثقافته عبر العالم؟
أصل القهوة
تتنوع أشكالها ومنتجاتها إلا أن شعبيتها تعزى أساسا إلى تأثيرها المنشط الذي ينتج عن مادة الكافيين الموجودة في القهوة. هذا التأثير اكتشفته البشرية منذ زمن بعيد.
القهوة في إثيوبيا
يحكى أنه منذ أكثر من ألف عام، تذوق راعٍ يدعى خالدي في بلاد الحبشة، لأول مرة في العالم، طعم البن. القصة بدأت حين تناول الماعز ثمار شجيرة غريبة أثارت فضول خالدي، فقرر استهلاكها بنفسه، ثم أدرك الراعي قوة البذور المنشطة في منطقة كافا جنوب إثيوبيا.
منذ ذلك الحين وحتى اليوم، استخدم الإثيوبيون القهوة في كل شيء تقريبا، تم نقع الأوراق وطهيها واستخدم اللب المجفف كمغلي. باختصار كانت القهوة عنصرا أساسيا في نظامهم الغذائي، سواء كمشروب أو كنكهة رئيسية في تحضير الأطباق الشعبية في البلاد.
القهوة في اليمن
حين تفكر في أكثر دول العالم ارتباطا بتاريخ القهوة، ربما لن يتبادر إلى ذهنك اليمن، لكن هذه الدولة العربية يدين لها العالم بانتشار ثقافة القهوة والرفع من جودتها. يقال إن الصوفيين غرب اليمن، هم أول من استخدم المشروب الساحر في عام 1450.
بحلول القرن الثامن عشر ميلادي، كان اليمن في أوج ازدهاره، بعد أن قررت تصدير القهوة إلى العالم.
كانت معظم مداخيل البلد تأتي من صادرات البن، فجميع إمدادات القهوة إلى العالم تأتي من البلد الواقع جنوب شبه الجزيرة العربية.
ولا غرابة اليوم أن تجد مزارعين يمنيين يعملون في زراعة البن لعدة أجيال يعود بعضها إلى 500 عام.
من ميناء المخاء أو "موكا" اليمني، كانت تنطلق القوافل المحملة بالبن، لذا ستجد نوعا شهيرا من مشروبات القهوة يسمى موكا Mocha.
وأسرار صناعة البن كانت حكرا على اليمنيين من القرن الرابع عشر حتى القرن الثامن عشر، لكن سرعان ما استثمر الأوروبيون في مصانع القهوة باليمن، وتحديدا الهولنديين عام 1720.
في مطلع القرن 19، سينتهي احتكار اليمنيين لأسرار القهوة، لكنهم سيحافظون على تصديرهم لأفضل أنواعها.
تاريخ القهوة
ووصلت القهوة لأول مرة إلى أوروبا من العالم العربي، وتحديدا شبه الجزيرة العربية، خلال القرن السابع عشر.
سحر المشروب السحري للعرب الأوروبيين والأميركيين، وتفوق على المشروبات الكحولية، لتصبح القهوة في غضون قرن من الزمن، جزءا من الحياة اليومية للبشر.
أول مقهى في العالم
وعام 1530، افتتح أول مقهى بالعالم في دمشق ثم بغداد.
وفي عام 1531 سيفتح ثالث مقهى في القاهرة، لكن سرعان ما سيتم تحريم البن من طرف الأزهر بناءً على فتوى خطيب القسطنطينية عام 1511، حيث أوضح أن القهوة مثل الخمر مسكرة وبالتالي محرمة.وتم حرق المقاهي والحكم على شاربها وبائعها بالجلد، وسيثبت علماء الدين لاحقا بطلان فتوى تحريم القهوة.
القهوة العربية
في القرن الرابع عشر، تذوق التجار الأفارقة والعرب في مدينة هرر شرق إثيوبيا فنجان القهوة المحمصة لأول مرة، لتصبح القهوة من الثقافة العربية الأصيلة.
انتقلت القهوة من اليمن إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة عام 1414، وبعد قرابة 100 عام ستصل حبوب البن إلى مصر في 1517، حيث ستساهم فتوى تحريم البن في انتشار المشروب السحري في مناطق عربية مختلفة.